أخر الاخبار

حقيقة عيشة قنديشة و بغلة القبور "تاسردونت ن ءيسنضال"

حقيقة عيشة قنديشة و بغلة القبور "تاسردونت ن ءيسنضال"

عيشة قنديشة

من منا لم يسمع بالأساطير الخيالية و القصص المخيفة، التي تعد فيما سبق أفلاما للرعب و التي كان يحكيها لنا الكبار من أجل عدم الخروج او الاقبال على مغادرة المنزل ليلا، خوفا من أي خطر قد يلحق بنا كصغار، إلا أن هذه القصص و الأساطير لها دلالات تاريخية منقوشة في خيال البشرية منذ الأزل، فربما قد كنت سمعت بقصة "عشية قنديشة" و قصة "تاسردونت ن ءيسنضال" والتي تعني بالعربية "بغلة القبور" فما قصة هذه الاسطورتين هل هي حقيقة أم خيال؟ كيف توارثتها الأجيال فيما بينها؟

عيشة قنديشة .. أسطورة خيالية أم حقيقة؟

هناك من يقول أن  القصص الخيالية التي نسمعها و نحس بالرعب من سماعها هي روايات  خرافية متقنة، صدقتها عقول البشر و نال الخوف و الفزع من قلوبهم، كيف لا يمكن تصديقها في مناطق يسودها الظلام الحالك في الليل و هجر في النهار، ومن جبال شامخة يسمع صداها رعبا ممتزجا بنباح الكلاب ليلا ليعدوا متكررا ومفزعا، كيف لا يمكن ان يصدقها عقل لم يدرس حرفا في حياته و لا يعرف مصطلحا اسمه المنطق و يؤمن بالأوهام و يصدق كل ما يسمعه، كيف لا و أحيانا تنام في مكان في بيوت قديمة و تتخيل أحدا يقول لقد نمت في مكاني يا ولدي ، و تتذكر أنك نمت لوحدك في ذاك المكان ، و في بعض الأحيان يخبرك أن أحدا دق بابه في الثالثة ليلا و خرج و لم يجد أحدا ، هي تخيلات حقيقية في مناطق ربما لأنها خالية يمكن أن تكون مسكونة بالجن ....

في قريتي كان هناك رجل عجوز يحكي لنا عن مغامرات شبابه ، و قال أنه التقى شخصيا بعيشة قنديشة تبعته في غابة من غابات الاطلس ، و أحسن إليه و رافقها في الطريق لمدة من الزمن لتودعه دون ان تمسه بسوء ، و كما يقال تعتبر عيشة قنديشة او سيدة المستنقعات من أكثر شخصيات الجن شعبية في التراث الشعبي المغربي , و يتم تصويرها في شكل ساحرة عجوز شمطاء وحاسدة همها ألاعيب لتفريق الأزواج وتارة أخرى تأخذ شبها قريبا من «بغلة الروضة» (بغلة المقبرة) فتبدو مثل امرأة فاتنة الجمال تخفي خلف ملابسها نهدين متدليين وقدمين تشبهان حوافز ( أرجل) الماعز أو الجمال أو البغال (بحسب بعض المناطق المغربية).

- تفتن عيشة قنديشة الرجال بجمالها وتستدرجهم إلى وكرها حيث تمارس الجنس معهم ومن ثم تقتلهم فتتغذى على لحوم ودماء أجسادهم إلا أنها تخاف من شيء واحد وهو اشتعال النار أمامها، وفي إحدى القصص التي تدور حولها يزعم أن عيشة قنديشة اعترضت مرة سبيل رجال كانوا يسكنون القرى فأوشكت على الإيقاع بهم من خلال فتنتها إلا أنهم استطاعوا النجاة منها خلال قيامهم بحرق عمائمهم أمامها وذلك بعد أن لاحظوا شيئاً فيها يميزها عن بقية النساء وهو أقدامها التي تشبه قوائم الجمل، إذن فالسبيل الوحيد للنجاة منها هو ضبط النفس ومفاجئتها بالنار لأنها تعتبر نقطة ضعفها و هذه بالطبع هي قصص أسطورية مليئة بالأكشن ، و قد جسدتها ممثلة امازيغية في فيلم (زريفا) و هو لقب أهل سوس لعائشة .

و الحقيقة أن قصة عائشة هي قصة مؤثرة جدا و هي قصة أقرب للواقع و منطقية بالمقارنة مع سابقتها، فهي حسب بعض الروايات  شخصية حقيقية وهي امرأة تنحذر من الأندلس، من عائلة  نبيلة طردت عائلتها من هناك، عاشت في القرن الخامس عشر وأسماها البرتغاليون بعيشة كونديشة(conessta) أي( الأميرة عيشة ). وقد تعاونت مع جيش دولة آنداك لمحاربة البرتغاليين الذين قتلوا وشردوا أهلها.

فأظهرت مهارة وشجاعة في القتال حتى ظن البعض وعلى رأسهم البرتغاليون أنها ليست بشرا وانما جنية.

صنعت لنفسها مجدا واسما ذائع الصيت لدى المقاومين والمجاهدين و عامة المغاربة لما حاربت الاحتلال واتخذت في ذلك مذهبا غريبا كانت تقوم باغراء الجنود  الصليبية وتجرهم إلى حتفهم إلى الوديان والمستنقعات حيث يتم ذبحهم بطريقة وحشية.

بغلة القبور .. تدفن البشر و هم أحياء!



أما عن بغلة القبور ، يحكي أحدهم أنه كان يسقي الحقول ذات ليلة و رأى بغلة تشبه بغلة جده ، و ذهب إليها ليعيدها الى المنزل بعدما أتم سقي الحقول ، و حين ركب فوقها أصبحت مطيعة و بهذا أيقن أنها بغلة جده، و ما ان وصل الى مفترق طرق ، طريق الى المنزل  و طريق الى المقبرة ، يجرها الى اتجاه و تجره الى اتجاه آخر( الى المقبرة) ، و ما أن غلبته باصرار لم يرد ان يكسر بخاطرها و لانها بغلة جده لم يشك و قال في نفسه سنرى الى أين تأخذني ، ما إن وصل الى المقبرة حتى بدأت بحفر قبر برجليها و أصبح الشك يعتري الرجل ، و فكر بحيلة فعلها دون ان تحس به ، اذ أخذ العتلة التي كان يستعملها للسقي و ألبسها سلهامه ، و هم بالهرب و نجح في ذلك و ما اننهت من الحفر  عادت لأخذ الرجل لدفنه عندها أحست بالخداع و نظرت لداخل السلهام و لم تجده و تبعته الى داره و ضربت الباب برجليها و كما يقال مايزال أثر  حذوات البغلة على باب في تلك القرية.

و يرجع أصل ظهور تلك البغلة حسب الرواية المنتشرة هناك للمرأة الأرملة التي عصت ربها في الشهور الاربع و العشرة أيام التي تلبس حق الله ، و بهذا تتحول لبغلة عقابا لها لعصيانها وانتقاما لها .

و طبعا هذه روايات قد سردت لظروف احتاج فيها السارد قصة الرعب ليحكم الخوف القلوب ، و يسود رعب الليل ، فهي ليس منطقية ، هناك من رأى حقائق و يحلف أنه رآها و لا يصدقها عقل و لا هي لوجيكية ، و لن ننكر وجود الجن و السحر و الشعوذة.

تعليقات